Kuturafton på Syriens självständighetsdag

Syriska Riksföbundet och Stiftelsen Syriska kulturhuset firade Syriens självständighet med en kulturafton.

Aftonets konfrensierer var Fimi Halawji och nader Abdo från ungdomssektionen som var strålande.

Programmet innehöll ett tal av av Fayez Chahrstan, ordförande för Syriska Riksförbundet och tal av Mr. Ayman Allouch, Syriska Ambassadens Chargé d Affair samt Körsånger (Iski Al Itash) till Ornina körgrupp ackompanierad av sångaren Pascal och derrigerad av Maestro George Hairabedian.

Att döma från publikens (mer är 200 personer)  aplåder och kommentarerna var prestationen ”Mycket bra”.

Snart publicerar vi bilder och kommentarer från arrangemanget. Håll utkik på www.syrf.se.

الإتحاد العام للمغتربين السوريين في السويد والبيت الثقافي السوري أقاموا إحتفالا ثقافيا بمناسبة عيد الجلاء 17 نيسان

وقام بعرافة الإحتفال الأنسة فيمي حلاوجي والشاب نادر عبدو الذين قدماه بنجاح وفرح

ولقد تضمن الإحتفال كلمة للسيد فايز شهرستان رئيس الإتحاد العام للمغتربين السوريين في السويد وكلمة للسيد أيمن علوش القائم بأعمال سفارة الجمهورية العربية السورية في ستوكهولم وتلاها أغان تراثية لفرقة أورنينا للغناء الجماعي بمصاحبة الفنان باسكال وقائد الفرقة المايسترو جورج هايرابيديان

حضر الإحتفال ما يزيد عن 200 شخص ومن التصفيق والأراء كان التقديم ناجحا

http://www.syrf.se سنوافيكم قريبا بصور من الإحتفال فتابعونا دائما على

Det här inlägget postades i Uncategorized. Bokmärk permalänken.

1 svar på Kuturafton på Syriens självständighetsdag

  1. معن بشير skriver:

    في 21 آذار عام 1923م كان الشعر على موعدٍ مع ” نزار توفيق قباني آقبيق ” وبين أزقتها العتيقة وداخل بيوتها القديمة حيث شذى الياسمين الدمشقي يفوح من قصائده يعرّش على جسد امرأة فيحمل همّ القضية.

    ( كلمة ” آقبيق” باللغة التركية , ”آق” تعني الأبيض و ”بيق” يعني الشارب” )
    يحلّقُ نزار في أول قصائده عام1939م ”حنين إلى دمشق” , ولعلّ حسّه الإبداعي كان مستقى من رائد المسرح العربي ” أبو خليل القباني” عمه ”عم أبيه”.
    فمن جامعة دمشق كلية الحقوق عام 1945م تبدأ الرحلة إلى عدة عواصم : القاهرة , أنقرة , لندن , بكين , مدريد …
    ليكون سفير سياسةٍ وسفير شعرٍ قبل أن يسدل الستار أمام حياته السياسية مقدماً استقالته عام 1966م مؤسساً داراً للنشر في بيروت حملت اسمه , ليطير بحريّةٍ والتزامٍ في عالم الشعر.

    نزار يقول : نهداك صنمان عاجيان

    يطلق رصاصته الأولى في أول دواوينه ” قالت لي السمراء ” عام 1944م وسط حملة مذعورة قادتها مجلة ”الرسالة” المصرية بقلم الشيخ علي الطنطاوي قائلا :
    ”طبع في دمشق كتاب صغير زاهي الغلاف… معقود عليه شريط أحمر كالذي أوجب الفرنسيون أول عهدهم باحتلالهم الشام فيه كلام مطبوع على صفة الشعر، فيه أشطار طولها واحد إذا قسناها بالسنتيمترات يشتمل على وصف ما يكون بين الفاسق والقارح , والبغي المتمرس وصفاً واقعياً لا خيال فيه ،لأن صاحبه ليس بالأديب الواسع الخيال ، بل هو مدلل , غني عزيز على أبويه ، وهو طالب في مدرسة..” .

    فكان ردّ نزار على الطنطاوي جريئاً جاء فيه :
    ” لم يكن نقداً بالمعنى الحضاري للنقد، وإنما كان صراخ رجل اشتعلت في ثيابه النار.”
    ويصف نزار ديوانه ”” قالت لي السمراء”” بأنه أزهار الشر بالنسبة لدمشق مثل بودلير بالنسبة لباريس.

    ” ديوان قالت لي السمراء – أفيقي ”

    أفيقي .. من الليلة الشاعله … وردي عباءتك المائله
    سيفضح شهوتك السافله … مغامرة النهد.. ردي الغطاء
    وأين ثيابك بعثرتها … لدى ساعة اللذة الهائله
    كما تنفخ الحية الصائله … وأقبلت الساعة العاقله
    هو الطين.. ليس لطينٍ بقاءٌ … لقد غمر الفجر نهديك ضوءاً
    ستمضي الشهور .. وينمو الجنين
    هو الطين .. ليس لطينٍ بقاءٌ
    ولذاته ومضةٌ زائله…

    ” ديوان قالت لي السمراء – نهداكِ ”

    سمــراءُ .. صبي نهدك الأسمرَ في دنيـا فمــي
    نهـداكِ نبعَا لـذة حمــراء تشعـل لي دمـــي
    متمردان على الســماء , على القميص المنعــم
    صنمان ِ عاجيان ِ … قد ماجا ببحـر ٍ مضـــرم
    صنمان .. إني أعبـــدُ الأصنامَ رغم تـــأثمي
    فكي الغلالة .. واحسـري عن نهدك المتضـــرم

    جريمة ذبح من الوريد إلى الوريد :

    في عام 1948م أصدر ديوانه الثاني ”طفولة نهد” الذي تعرّض للذبح من الوريد إلى الوريد حيث كان الشاعر قد قدّم الديوان لكلّ من توفيق الحكيم من روّاد الرواية والمسرح العربي , وكامل الشناوي الصحفي والشاعر , وأنور المعداوي الناقد الأدبي .

    فكتب المعداوي مقالاً نقدياً وعرضه على صاحب ”مجلة الرسالة” المصرية أحمد حسن الزيّات فلم يستسغ الأخير هذه التسمية ” طفولة نهد ” فنشر الزيّات نقد المعداوي بعد أن غيّر اسم الديوان إلى ”طفولة نهر” .

    حينها قال نزار: ” بذلك أرضى حسن الزيات صديقه الناقد أنور المعداوي وأرضى قرّاء الرسالة المحافظين الذين تخيفهم كلمة النهد وتزلزل وقارهم , ولكنّه ذبح اسم كتابي الجميلِ من الوريد إلى الوريد ” .

    وفي عام 1949 صدر له ديوان ”سامبا” .

    ” من ديوان طفولة نهد – وشوشة ”

    في ثغرها ابتهالْ … يهمسُ لي : تعالْ
    إلى انعتاق ٍ أزرق ٍ … حدودهُ المحالُ
    نشردُ تيّاري شَذا … لم يخفقا ببالْ
    لا تستحي..فالورد في … طريقنا تلالْ
    ما دمتِ لي.. مالي وما … قيلَ , وما يُقال..
    وشوشة ٌ كريمة ٌ … سخيّة ُ الظلالْ
    رغبة ٌ مبحوحة ٌ
    أرى لها خيالْ

    نزار في المرحلة الدبلوماسية بين عامي 1945م و 1966م

    أعضاء في مجلس النواب السوري يطالبون بشنق نزار :

    ولأنّ الكلمة أنثى والقصيدة أنثى يعلن الشاعر ثورته المتمردة لينشر قصيدته ”خبز وحشيش وقمر” 1954م التي رسم ملامحها في ديوان قصائد 1956م فأحدثت ضجة عارمة في الرأي العام تناقلتها الصحف السورية لتستقرّ قي قبة المجلس النيابي السوري في 14/6/1955م فكانت مسار جدلٍ وصلت إلى حدّ المطالبة بشنق ” نزار” وكان حينها يشغل منصباً دبلوماسياً في السفارة السورية في لندن .

    وأمام تصميم النواب على معاقبة القباني تثار القصيدة من جديد في مكتب الرئيس خالد العظم بوزارة الخارجية الذي علّق قائلاً : ”ياحضرات النواب الأعزاء أحب أن أصارحكم إنّ وزارة الخارجية السورية فيها نزاران : نزار قباني الموظف ونزار قباني الشاعر , أما نزار قباني الموظف فملفه أمامي وهو ملف جيد ويثبت أنه من خيرة موظفي هذه الوزارة , أما نزار قباني الشاعر, فقد خلقه الله شاعراً , وأنا كوزير للخارجية لا سلطة لي عليه ، ولا على شعره , فإذا كنتم تقولون إنه هجاكم بقصيدة فيمكنكم أن تهجوه بقصيدة مضادة ” .

    والجدير بالذكر أن ”خبز وحشيش وقمر” هي من بين 17 قصيدة صدرت عن دار نشر بيبلوس كونسالتينج بموسكو مترجمة إلى الروسية عن د. يفجيني دياكونوف.

    ” من قصيدة خبز وحشيش وقمر ”

    في ليالي الشرقِ لمّا
    يبلغُ البدرُ تمامهْ …
    يتعرّى الشرقُ من كلِّ كرامهْ
    ونضالِ …
    فالملايينُ التي تركضُ من غيرِ نعالِ…
    والتي تؤمنُ في أربعِ زوجاتٍ …
    وفي يومِ القيامهْ …
    الملايين التي لا تلتقي بالخبز..
    إلا في الخيال..

    عندما يحرك نزار يديه تتساقط الكلمات

    الرئيس جمال عبد الناصر ينقذ نزار قباني من عبوة ناسفة تمّ تفجيرها :

    القباني لا يستسلم ويولد لنا ديوان ”حبيبتي” 1961م لتتحول اللغة إلى لوحة فسفسائية تبقى مفرداتها المرأة .
    والياسمينة الدمشقية في ديوان ” الرسم بالكلمات ” 1966م .

    لكنها لوحة مشاكسة تبعثرت ألوانها في قصيدة ” هوامش على دفتر النكسة ” التي نشرت في مجلة ”الآداب” اللبنانية , فكانت عبوة ناسفة كما يصفها نزار , حيث صدر قرار بمنع تداول القصيدة , و ومنع بث قصائده المغناة في إذاعة الجمهورية العربية المتحدة , واعتبار نزار من الممنوعين من دخول مصر , و صودرت المجلة ، وأحرقت أعدادها في عدد من البلدان العربية .

    ولعلّ شهرة نزار السريعة آنذاك كان لها دور… , لكنْ سرعان ما أنقذته تلك الرسالة التي وجّهها إلى الرئيس جمال عبد الناصر في 30/10/1967م وبعض ما جاء فيها :

    ” سيادة الرئيس جمال عبد الناصر:
    إذا كانت صرختي حادة وجارحة , وأنا أعترف سلفاً بأنها كذلك, فلأنّ الصرخة تكون في حجم الطعنة, ولأن النزيف بمساحة الجرح…” .
    بعد ذلك تمّ إلغاء جميع التدابير التي فرضت بحقه.
    فقال نزار حينها : لقد كسر الرئيس جمال عبد الناصر بموقفه الكبير جدا الخوف القائم بين الفن وبين السلطة، بين الإبداع وبين الثورة …….

    وقد كتب نزار عدة قصائد مدح ورثاء للراحل جمال منها : الهرم الرابع , إليه في يوم ميلاده.

    ” هوامش على دفتر النكسة ”

    مالحةٌ في فمنا القصائد
    مالحةٌ ضفائر النساء
    والليل، والأستار، والمقاعد
    مالحةٌ أمامنا الأشياء
    يا وطني الحزين
    حولتني بلحظةٍ
    من شاعرٍ يكتب الحب والحنين
    لشاعرٍ يكتب بالسكين

    نزار يقول : إنّ صناعة دمشق الأساسية هي العروبة :
    ولكن قبل السادس من تشرين1973م كانت صورة نزار مشوشة وغائمة ، وقبيحة , وفي 6 تشرين يعلن ميلاده كما يعلن أن صناعة دمشق الأساسية هي العروبة وفيها ينشد أبياته :

    ” ترصيع بالذهب على سيف دمشقي ”

    جاء تشرينُ..إن وجهكِ أحلى بكثيرٍ.. ما سـرّه تشرينُ؟
    إنّ أرضَ الجولانِ تشبه عينيكِ فماءٌ يجري..ولوزٌ.. وتينُ
    رضي الله والرسول عن الشام … فنصر آتٍ وفتحٌ مبين
    كتب الله أنْ تكوني دمشقاً بكِ يبدأ وينتهي التكويـنُ
    علمينا فقه العروبـةِ يا شامُ فأنتِ البيـانُ والتبيـيـنُ
    نحن عكا ونحن كرمل حيفا … وجبالُ الجليلِ واللطرون
    اركبي الشمس يا دمشق حصانا … ولك الله حافظ و أمين

    ” القصيدة الدمشقية ”

    هذي دمشقُ .. وهذي الكأسُ والرّاحُ إنّي أحبُّ.. وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
    أنا الدمشقيُّ.. لو شرحتمُ جسدي لسـالَ منهُ عناقيدٌ.. وتفـّاحُ
    ولو فتحتُم شراييني بمديتكم سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
    مآذنُ الشّـامِ تبكـي إذ تعانقـني و للمآذنِ .. كالأشجارِ.. أرواحُ
    للياسمـينِ حقـوقٌ في منازلنـا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
    طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
    كم من دمشقيةٍ باعتْ أساورها حتى أغازلها … والشعر مفتاحُ

    نزار في قصائده بين أوتار القومية العربية يكتب الموال الدمشقي والسيمفونية الجنوبية :

    ” موال دمشقي ”

    يا شامُ.. يا شامةََ الدنيا ، ووردتَها يا من بحُسنِكِ أوجعتِ الأزاميلا
    وددتُ لو زرعُوني فيك مِئذَنةً أو علقوني على الأبواب قنديلا
    يا بلدةَ السبعةِ الأنهارِ يا بلدي ويا قميصاً بزهرِ الخوخِ مشغولا
    يا شامُ إنْ كنتُ أخفي ما أكَابده فأجمَلُ الحبِّ حـبٌّ ـ بعدَ ما قيلا

    وما الموال الدمشقي إلاّ أوبرا القومية العربية التي تصدح في السيمفونية الجنوبية الخامسة فترددها فلسطين لتغدو الحجارة النوتة للغد المشرق وفي ذلك ينشد نزار :

    ” السيمفونية الجنوبية الخامسة ”

    سَمَّيتُكَ الجنوب … يا لابساً عباءةَ الحسين
    وشمسَ كربلاء …
    يا شجرَ الوردِ الذي يحترفُ الفداء
    يا ثورةَ الأرضِ التقتْ بثورةِ السماء
    يا جسداً يطلعُ من ترابهِ
    قمحٌ وأنبياء

    وفي عام 1978م صدرت مجموعة له ”إلى بيروت الأنثى مع حبي”

    نزار في حلب مرتجلاً : كل دروب الحب توصل إلى حلب

    وأمام شموخ الكلمة وعظمتها يتواضع الشاعر مرتجلاً ليقدم اعتذاره لمدينة حلب عام 1979م في أمسية في صالة الأسد الشعرية تم تحويلها تلفزيونياً ومنها نختار

    كل الدروب لدى الأوربيين توصل إلى روما
    كل الدروب لدى العرب توصل إلى الشعر
    وكل دروب الحب توصل إلى حلب ‏‏
    صحيح أن موعدي مع حلب تأخر ربع قرن …
    كل هذا صحيح ولكن النساء الجميلات وحلب
    واحدة منهن
    يعرفن أيضاً أن الرجل الذي يبقى صامداً في نار العشق
    خمساً وعشرين سنة ويجيء ولو بعد خمس وعشرين سنة
    هو رجل يعرف كيف يحب ويعرف من يحب
    ربما لم أضع حلب على خريطتي الشعرية
    وهذه إحدى أكبر خطاياي ولكن حلب كانت دائماً
    على خريطة عواطفي وكانت تختبئ في شراييني
    فلا أعرف من أين يبدأ الشعر ومن أين
    يبدأ النبيذ ومن أين تبتدئ الشفة
    ومن أين تبتدئ القبلة … ومن أين تبتدئ دموعي
    ومن أين تبتدئ حلب
    كل ما أريد أن أقوله إن حب النساء … وحب المدن قضاء وقدر
    وها أنا ذا في حلب
    لأواجه قدراً من أجمل أقداري:

    نزار قباني يتجول في الشوارع عارياً :

    ولكن عندما تبكي الكلمة لتواجه قدرها ندخلُ منزل نزار نعزي بأول فاجعة تلقاها برحيل شقيقته ”وصال” التي تركت أثراً في نفسه فنفر لشعر الحب بكل طاقته كما يقول , ثم وفاة والده ”توفيق” أبو المعتز فكتب له يرثيه ” أبي ” , ولكن مع وفاة والدته ” فائزة ” 1976م تموت الكلمات فيرثيها في قصيدته ”أم المعتز” .

    من قصيدة ” أبي ”

    أبي يا أبي .. إن تاريخ طيب ٍ
    وراءك يمشي , فلا تعتب ..
    على اسمك نمضي , فمن طيب ٍ
    شهي المجاني , إلى أطيب ِ
    حملتك في صحو عيني .. حتى
    تهيأ للناس أني أبي ..

    من قصيدة ” أم المعتز ”

    بموتِ أمّي ..
    يسقطُ آخرُ قميصِ صوفٍ أغطّي بهِ جسدي
    آخرُ قميصِ حنانْ ..
    آخرُ مظلةِ مَطَرْ ..
    وفي الشّتاءِ القادمْ ..
    ستجدونَني أتجوّلُ في الشوارعِ عارياً ..

    نزار قباني يسقط في شِباك زهراء آقبيق :

    وفي عام 1946م قرر نزار دخول الحياة الزوجية مع ابنة عمه زهراء آقبيق ابنة القاضي محمد آقبيق النائب في مجلس النواب السوري في فترة الخمسينات , فأنجبت له ياسمينتين دمشقيتين ”هدباء1947م التي توفيت عام 2009 إثر أزمة قلبية , و توفيق 1950م الذي توفي 1972م ” , فرثاه بقصيدةٍ ”إلى الأمير الدمشقي توفيق قباني” .

    إلاّ أنّ صراع الماضي مع الحاضر انتهى بالانفصال بين نزار و زهراء عام1952م التي توفيت مؤخراً.

    يقال أنه ارتبط في عقد الخمسينات بقصة حب مع الأديبة كوليت خوري حفيدة رئيس الوزراء السابق في عهد الاستقلال فارس الخوري , ومن خلال روايتها” أيام معه” نقرأ أن بطل الرواية الحقيقي هو نزار قباني وأن ما جاء في فصولها ما هو إلا سيرة ذاتية للكاتبة .

    زواج للمرة الثانية وحب على عرش المرأة العراقية ” بلقيس الراوي ” :

    وكلما نظر نزار في المرآة كان يرى بلقيس حبه الأخير , فبعد أخذ ورد تزوج نزار ”بلقيس الراوي” عام 1969م وهو في سن السادسة والأربعين وهي في سن الثلاثين أنجبت له طفلين ”عمر, زينب” لكنّ الموت كان على موعدٍ معها عام 1981م حين لقيت حتفها في حادثة تفجير السفارة العراقية في بيروت.

    فتنزف قصائد نزار قباني دماً عليها ويرثيها بقصيدته الشهيرة ”بلقيس” , وقصيدة ”خمس وعشرون وردة في شعر بلقيس” .

    ” من قصيدة ”بلقيس ”

    بلقيسُ ..
    كانتْ أجملَ المَلِكَاتِ في تاريخ بابِِلْ
    بلقيسُ ..
    كانت أطولَ النَخْلاتِ في أرض العراقْ
    كانتْ إذا تمشي.. ترافقُها طواويسٌ..
    وتتبعُها أيائِلْ .. بلقيسُ .. يا وَجَعِي ..

    من قصيدة ” خمس وعشرون وردة في شعر بلقيس ”

    أسست معها في 5 آذار 1962
    أول مدرسة للعشق في بغداد
    وعندما سقطت بلقيس في 15/12/1981
    استقال المعلمون والمعلمات
    وهرب التلاميذ
    وتأجلت دراسة الحب ..
    إلى أجـلٍ غير مسمى ..

    نزار قباني قي دبي أثناء تسلمه لجائزة سلطان العويس في عام 1994م

    وبالرغم من سوداوية تلك الظروف فالشاعر لا يتوقف عن سقاية ياسمينته الدمشقية من شعره فيفجّر مكنوناته الداخلية في كتابات إبداعية مشتعلة , حيث سطّر بمسيرته الشعرية إحدى وأربعين مجموعة شعرية ونثرية منها : ” قصائد متوحشة 1970م , كل عام وأنتِ حبيبتي 1978م , أشهد أن لا امرأة إلا أنتِ 1979م , قصائد مغضوب عليها 1986م , تزوجتك أيتها الحرية 1988م , لا غالب إلا الحب 1990م , قصائد عربية 1993م , متى يعلنون وفاة العرب 1994م , … أنا رجل واحد وأنت قبيلة من النساء ” .

    جنازة يتيمة نزار قباني يتساءل متى يعلنون وفاة العرب ؟ وأين هي مقبرتهم ؟

    أمام هذا المخزون الشعري الهائل يدوي الشاعر كبركانٍ ثائرٍ على ما آلت إليه أوضاع الوطن العربي متسائلاً في رعشة شبه جنونية :

    ” متى يعلنون وفاة العرب ”

    أحاولُ رسمَ بلادٍ
    تُسمّى – مجازا – بلادَ العربْ
    رسمتُ بلون الشرايينِ حيناً .. وحيناً رسمتُ بلون الغضبْ.
    وحين انتهى الرسمُ ، ساءلتُ نفسي:
    إذا أعلنوا ذاتَ يومٍ وفاةَ العربْ…
    ففي أيِ مقبرةٍ يُدْفَنونْ؟ ومَن سوف يبكي عليهم؟
    وليس لديهم بناتٌ… وليس لديهم بَنونْ …
    وليس هنالك حُزْنٌ ،
    وليس هنالك مَن يحْزُنون!!

    عندما ترقص كلمات نزار قباني يتسابق المطربون :

    ” كيف كان ” أول قصيدة نزارية تتحول إلى أغنية لحنها وغناها الملحن والمطرب المصري أحمد عبد القادر وسجلها لإذاعة دمشق في عام 1953م .
    ثاني قصيدة ” بيت الحبيبة ” لحنها وغناها نجيب السراج وسجلها في إذاعة القاهرة في عام 1958م .
    ثالث قصيدة ” أيظن ” لحانها محمد عبد الوهاب غنّتها نجاة الصغيرة وحققت تلك الأغنية حينها نجاحاً باهراً تسابق فيه الملحنون والمطربون لقصائد نزار .
    فغنّت أم كلثوم قصيدته ”أصبح عندي الآن بندقية” , عبد الحليم حافظ ”قارئة الفنجان” .. , فيروز ”لا تسألوني ما اسمه حبيبي” ..
    وأما ماجدة الرومي فغنت أربعاً من قصائده الأولى ”كلمات” لحن إحسان المنذر, ”طوق الياسمين” لحن كاظم الساهر ولحن لها الملحن المصري جمال سلامة قصيدتين هما ”ست الدنيا يا بيروت” و”مع جريدة ”‏ .. ,
    كاظم الساهر: ”إني خيّرتك فاختاري، زيديني عشقاً، علّمني حبك ، مدرسة الحب…… ” وكلها من ألحان كاظم
    أصالة : غنت له قصيدة ”اغضب” التي لحنها حلمي بكر….
    يلفظ الشعر النزاري آخر أنفاسه بأخر بيتٍ كتبه:

    ” تزرع المرأة السنابل والورد.. ويبقى كل الرجال عشائر”

    نزار .. في أيامه الأخيرة

    القائد الخالد حافظ الأسد في عيون نزار قباني :

    حظي نزار قباني خلال فترة مرضه من بيروت إلى لندن باهتمام ورعاية من القائد الخالد حافظ الأسد فكتب نزار يقول :
    ” إن الرئيس حافظ الأسد هو صديق الشجرة والغيمة وسنبلة القمح والحقول والأطفال والغابات، والجداول والعصافير وفيروز وعاصي الرحباني , ولو أنّ عصفوراً واحداً سقط أو غمامةً واحدة بكتْ أو سنبلة قمح واحدة انكسرتْ لحمل إليها حافظ الأسد وعاء المهل ووقف فوق رأسها حتى تشفى.”

    وأمام الانجازات العظيمة التي سطرها القائد الخالد كتب نزار ” تاريخ حياة نهر ” واصفاً عظمة الانجاز :

    ” في بلادي يغيرون تاريخ حياة نهر … نزع الرئيس حافظ الأسد عن الفرات عباءته الطينية، أعطاه قلما ليكتب يومياته كنهر متحضر، أعلن وهو يحول مجرى النهر، أن سد الفرات ليس عملا هندسيا خاصا بسورية ، ولكنه عمل قومي من أعمال التحرير.

    إذاً فالنصر في تصور الرئيس الأسد هو نصر حسابي وتقني وحضاري، إنه نصر سيحققه بصورة حتمية إنسان الفرات القادم .”
    يُذكر أنّ القائد الخالد حافظ الأسد أصدر قراراً بإطلاق اسم نزار قباني على أحد شوارع دمشق تكريماً له .

    فقال نزار قبل أن يغمض عينيه إلى الأبد بشهر واحد 27/3/1998م :

    ” إنّ هذا الشارع الذي أهدته دمشق إليّ هو أجمل بيت امتلكته على تراب الجنة , فالسكنى في الجنة … والسكنى في دمشق شيءٌ واحدٌ ،الأولى تجري من تحتها الأنهار والثانية تجري من تحتها القصائد والأشعار.”

    وهكذا تسقط آخر ياسمينة دمشقية في 30/4/1998م ، ليصل من لندن إلى دمشق يوم الأحد في 3/5/1998م مكفناً بالعلم السوري فيوارى الثرى في مقبرة العائلة في باب الصغير، فمن رحم القومية العربية ” دمشق ” خرج وإلى رحمها يعود.

    ديوان ” أبجدية الياسمين ” كانت الهدية المقدمة من أولاد نزار قباني ” هدباء ، زينب ، عمر ” في ذكرى رحيله العاشرة يضم الكتاب مقدمة و13 قصيدة و ”يوميات لشباك دمشقي”.

    من قصيدة ” تعب الكلام من الكلام ”

    لم يبقَ عندي ما أقول.
    لم يبقَ عندي ما أقولُ.
    تعبَ الكلاَمُ من الكَلامِ..
    وماتَ في أحداق أعيُننَا النخيلُ..
    شَفَتايَ من خَشَبٍ.. ووجهُكِ مُرْهَقٌ
    والنَهْدُ..ما عَادَت تُدَقُّ لهُ الطُبولُ!!
    أرجوُ السماحَ..
    إذا جلستُ على الأريكة مُحبطاً
    ومُشتتاً.. ومُبعثراً..
    أرجُو سماحكِ.. إن نسيتُ بلاغتي..
    لم يبقَ من لُغَةِ الهوى إلا القليلُ!!
    ( لندن 15 آذار (مارس) 1997 )

    كثرةٌ هم من حاربوكَ ونقدوك , وكثرة هم من كتبوا عنك ومدحوكَ … لكنّه يبقى نزاريّ الهوى، دمشقيّ المنبت رغماً عن أنفِ القبيلة.

    رويدك نزار لم أبدأ بعد وقد جفت أحبار أقلامي , وتعبت أجفاني في قراءةِ شعبٍ من المرجانِ في بحرِ قصائدٍ كنتَ فيها الجاني , فمعذرةً قباني أسالكَ الرحيل.

    في 21 آذار عام 1923م كان الشعر على موعدٍ مع ” نزار توفيق قباني آقبيق ” وبين أزقتها العتيقة وداخل بيوتها القديمة حيث شذى الياسمين الدمشقي يفوح من قصائده يعرّش على جسد امرأة فيحمل همّ القضية.

    ( كلمة ” آقبيق” باللغة التركية , ”آق” تعني الأبيض و ”بيق” يعني الشارب” )
    يحلّقُ نزار في أول قصائده عام1939م ”حنين إلى دمشق” , ولعلّ حسّه الإبداعي كان مستقى من رائد المسرح العربي ” أبو خليل القباني” عمه ”عم أبيه”.
    فمن جامعة دمشق كلية الحقوق عام 1945م تبدأ الرحلة إلى عدة عواصم : القاهرة , أنقرة , لندن , بكين , مدريد …
    ليكون سفير سياسةٍ وسفير شعرٍ قبل أن يسدل الستار أمام حياته السياسية مقدماً استقالته عام 1966م مؤسساً داراً للنشر في بيروت حملت اسمه , ليطير بحريّةٍ والتزامٍ في عالم الشعر.

    نزار وعمره سنتان 1925م نزار من جهة اليسار مع العائلة القبانية

    نزار يقول : نهداك صنمان عاجيان

    يطلق رصاصته الأولى في أول دواوينه ” قالت لي السمراء ” عام 1944م وسط حملة مذعورة قادتها مجلة ”الرسالة” المصرية بقلم الشيخ علي الطنطاوي قائلا :
    ”طبع في دمشق كتاب صغير زاهي الغلاف… معقود عليه شريط أحمر كالذي أوجب الفرنسيون أول عهدهم باحتلالهم الشام فيه كلام مطبوع على صفة الشعر، فيه أشطار طولها واحد إذا قسناها بالسنتيمترات يشتمل على وصف ما يكون بين الفاسق والقارح , والبغي المتمرس وصفاً واقعياً لا خيال فيه ،لأن صاحبه ليس بالأديب الواسع الخيال ، بل هو مدلل , غني عزيز على أبويه ، وهو طالب في مدرسة..” .

    فكان ردّ نزار على الطنطاوي جريئاً جاء فيه :
    ” لم يكن نقداً بالمعنى الحضاري للنقد، وإنما كان صراخ رجل اشتعلت في ثيابه النار.”
    ويصف نزار ديوانه ”” قالت لي السمراء”” بأنه أزهار الشر بالنسبة لدمشق مثل بودلير بالنسبة لباريس.

    ” ديوان قالت لي السمراء – أفيقي ”

    أفيقي .. من الليلة الشاعله … وردي عباءتك المائله
    سيفضح شهوتك السافله … مغامرة النهد.. ردي الغطاء
    وأين ثيابك بعثرتها … لدى ساعة اللذة الهائله
    كما تنفخ الحية الصائله … وأقبلت الساعة العاقله
    هو الطين.. ليس لطينٍ بقاءٌ … لقد غمر الفجر نهديك ضوءاً
    ستمضي الشهور .. وينمو الجنين
    هو الطين .. ليس لطينٍ بقاءٌ
    ولذاته ومضةٌ زائله…

    ” ديوان قالت لي السمراء – نهداكِ ”

    سمــراءُ .. صبي نهدك الأسمرَ في دنيـا فمــي
    نهـداكِ نبعَا لـذة حمــراء تشعـل لي دمـــي
    متمردان على الســماء , على القميص المنعــم
    صنمان ِ عاجيان ِ … قد ماجا ببحـر ٍ مضـــرم
    صنمان .. إني أعبـــدُ الأصنامَ رغم تـــأثمي
    فكي الغلالة .. واحسـري عن نهدك المتضـــرم

    نزار عندما كان طالباً في الجامعة

    جريمة ذبح من الوريد إلى الوريد :

    في عام 1948م أصدر ديوانه الثاني ”طفولة نهد” الذي تعرّض للذبح من الوريد إلى الوريد حيث كان الشاعر قد قدّم الديوان لكلّ من توفيق الحكيم من روّاد الرواية والمسرح العربي , وكامل الشناوي الصحفي والشاعر , وأنور المعداوي الناقد الأدبي .

    فكتب المعداوي مقالاً نقدياً وعرضه على صاحب ”مجلة الرسالة” المصرية أحمد حسن الزيّات فلم يستسغ الأخير هذه التسمية ” طفولة نهد ” فنشر الزيّات نقد المعداوي بعد أن غيّر اسم الديوان إلى ”طفولة نهر” .

    حينها قال نزار: ” بذلك أرضى حسن الزيات صديقه الناقد أنور المعداوي وأرضى قرّاء الرسالة المحافظين الذين تخيفهم كلمة النهد وتزلزل وقارهم , ولكنّه ذبح اسم كتابي الجميلِ من الوريد إلى الوريد ” .

    وفي عام 1949 صدر له ديوان ”سامبا” .

    ” من ديوان طفولة نهد – وشوشة ”

    في ثغرها ابتهالْ … يهمسُ لي : تعالْ
    إلى انعتاق ٍ أزرق ٍ … حدودهُ المحالُ
    نشردُ تيّاري شَذا … لم يخفقا ببالْ
    لا تستحي..فالورد في … طريقنا تلالْ
    ما دمتِ لي.. مالي وما … قيلَ , وما يُقال..
    وشوشة ٌ كريمة ٌ … سخيّة ُ الظلالْ
    رغبة ٌ مبحوحة ٌ
    أرى لها خيالْ

    نزار في المرحلة الدبلوماسية بين عامي 1945م و 1966م

    أعضاء في مجلس النواب السوري يطالبون بشنق نزار :

    ولأنّ الكلمة أنثى والقصيدة أنثى يعلن الشاعر ثورته المتمردة لينشر قصيدته ”خبز وحشيش وقمر” 1954م التي رسم ملامحها في ديوان قصائد 1956م فأحدثت ضجة عارمة في الرأي العام تناقلتها الصحف السورية لتستقرّ قي قبة المجلس النيابي السوري في 14/6/1955م فكانت مسار جدلٍ وصلت إلى حدّ المطالبة بشنق ” نزار” وكان حينها يشغل منصباً دبلوماسياً في السفارة السورية في لندن .

    وأمام تصميم النواب على معاقبة القباني تثار القصيدة من جديد في مكتب الرئيس خالد العظم بوزارة الخارجية الذي علّق قائلاً : ”ياحضرات النواب الأعزاء أحب أن أصارحكم إنّ وزارة الخارجية السورية فيها نزاران : نزار قباني الموظف ونزار قباني الشاعر , أما نزار قباني الموظف فملفه أمامي وهو ملف جيد ويثبت أنه من خيرة موظفي هذه الوزارة , أما نزار قباني الشاعر, فقد خلقه الله شاعراً , وأنا كوزير للخارجية لا سلطة لي عليه ، ولا على شعره , فإذا كنتم تقولون إنه هجاكم بقصيدة فيمكنكم أن تهجوه بقصيدة مضادة ” .

    والجدير بالذكر أن ”خبز وحشيش وقمر” هي من بين 17 قصيدة صدرت عن دار نشر بيبلوس كونسالتينج بموسكو مترجمة إلى الروسية عن د. يفجيني دياكونوف.

    ” من قصيدة خبز وحشيش وقمر ”

    في ليالي الشرقِ لمّا
    يبلغُ البدرُ تمامهْ …
    يتعرّى الشرقُ من كلِّ كرامهْ
    ونضالِ …
    فالملايينُ التي تركضُ من غيرِ نعالِ…
    والتي تؤمنُ في أربعِ زوجاتٍ …
    وفي يومِ القيامهْ …
    الملايين التي لا تلتقي بالخبز..
    إلا في الخيال..

    عندما يحرك نزار يديه تتساقط الكلمات

    الرئيس جمال عبد الناصر ينقذ نزار قباني من عبوة ناسفة تمّ تفجيرها :

    القباني لا يستسلم ويولد لنا ديوان ”حبيبتي” 1961م لتتحول اللغة إلى لوحة فسفسائية تبقى مفرداتها المرأة .
    والياسمينة الدمشقية في ديوان ” الرسم بالكلمات ” 1966م .

    لكنها لوحة مشاكسة تبعثرت ألوانها في قصيدة ” هوامش على دفتر النكسة ” التي نشرت في مجلة ”الآداب” اللبنانية , فكانت عبوة ناسفة كما يصفها نزار , حيث صدر قرار بمنع تداول القصيدة , و ومنع بث قصائده المغناة في إذاعة الجمهورية العربية المتحدة , واعتبار نزار من الممنوعين من دخول مصر , و صودرت المجلة ، وأحرقت أعدادها في عدد من البلدان العربية .

    ولعلّ شهرة نزار السريعة آنذاك كان لها دور… , لكنْ سرعان ما أنقذته تلك الرسالة التي وجّهها إلى الرئيس جمال عبد الناصر في 30/10/1967م وبعض ما جاء فيها :

    ” سيادة الرئيس جمال عبد الناصر:
    إذا كانت صرختي حادة وجارحة , وأنا أعترف سلفاً بأنها كذلك, فلأنّ الصرخة تكون في حجم الطعنة, ولأن النزيف بمساحة الجرح…” .
    بعد ذلك تمّ إلغاء جميع التدابير التي فرضت بحقه.
    فقال نزار حينها : لقد كسر الرئيس جمال عبد الناصر بموقفه الكبير جدا الخوف القائم بين الفن وبين السلطة، بين الإبداع وبين الثورة …….

    وقد كتب نزار عدة قصائد مدح ورثاء للراحل جمال منها : الهرم الرابع , إليه في يوم ميلاده.

    ” هوامش على دفتر النكسة ”

    مالحةٌ في فمنا القصائد
    مالحةٌ ضفائر النساء
    والليل، والأستار، والمقاعد
    مالحةٌ أمامنا الأشياء
    يا وطني الحزين
    حولتني بلحظةٍ
    من شاعرٍ يكتب الحب والحنين
    لشاعرٍ يكتب بالسكين

    نزار في زيارة لسد الفرات

    نزار يقول : إنّ صناعة دمشق الأساسية هي العروبة :
    ولكن قبل السادس من تشرين1973م كانت صورة نزار مشوشة وغائمة ، وقبيحة , وفي 6 تشرين يعلن ميلاده كما يعلن أن صناعة دمشق الأساسية هي العروبة وفيها ينشد أبياته :

    ” ترصيع بالذهب على سيف دمشقي ”

    جاء تشرينُ..إن وجهكِ أحلى بكثيرٍ.. ما سـرّه تشرينُ؟
    إنّ أرضَ الجولانِ تشبه عينيكِ فماءٌ يجري..ولوزٌ.. وتينُ
    رضي الله والرسول عن الشام … فنصر آتٍ وفتحٌ مبين
    كتب الله أنْ تكوني دمشقاً بكِ يبدأ وينتهي التكويـنُ
    علمينا فقه العروبـةِ يا شامُ فأنتِ البيـانُ والتبيـيـنُ
    نحن عكا ونحن كرمل حيفا … وجبالُ الجليلِ واللطرون
    اركبي الشمس يا دمشق حصانا … ولك الله حافظ و أمين

    ” القصيدة الدمشقية ”

    هذي دمشقُ .. وهذي الكأسُ والرّاحُ إنّي أحبُّ.. وبعـضُ الحبِّ ذبّاحُ
    أنا الدمشقيُّ.. لو شرحتمُ جسدي لسـالَ منهُ عناقيدٌ.. وتفـّاحُ
    ولو فتحتُم شراييني بمديتكم سمعتمُ في دمي أصواتَ من راحوا
    مآذنُ الشّـامِ تبكـي إذ تعانقـني و للمآذنِ .. كالأشجارِ.. أرواحُ
    للياسمـينِ حقـوقٌ في منازلنـا.. وقطّةُ البيتِ تغفو حيثُ ترتاحُ
    طاحونةُ البنِّ جزءٌ من طفولتنا فكيفَ أنسى؟ وعطرُ الهيلِ فوّاحُ
    كم من دمشقيةٍ باعتْ أساورها حتى أغازلها … والشعر مفتاحُ

    نزار في إحدى أمسياته يغني الشعر

    نزار في قصائده بين أوتار القومية العربية يكتب الموال الدمشقي والسيمفونية الجنوبية :

    ” موال دمشقي ”

    يا شامُ.. يا شامةََ الدنيا ، ووردتَها يا من بحُسنِكِ أوجعتِ الأزاميلا
    وددتُ لو زرعُوني فيك مِئذَنةً أو علقوني على الأبواب قنديلا
    يا بلدةَ السبعةِ الأنهارِ يا بلدي ويا قميصاً بزهرِ الخوخِ مشغولا
    يا شامُ إنْ كنتُ أخفي ما أكَابده فأجمَلُ الحبِّ حـبٌّ ـ بعدَ ما قيلا

    وما الموال الدمشقي إلاّ أوبرا القومية العربية التي تصدح في السيمفونية الجنوبية الخامسة فترددها فلسطين لتغدو الحجارة النوتة للغد المشرق وفي ذلك ينشد نزار :

    ” السيمفونية الجنوبية الخامسة ”

    سَمَّيتُكَ الجنوب … يا لابساً عباءةَ الحسين
    وشمسَ كربلاء …
    يا شجرَ الوردِ الذي يحترفُ الفداء
    يا ثورةَ الأرضِ التقتْ بثورةِ السماء
    يا جسداً يطلعُ من ترابهِ
    قمحٌ وأنبياء

    وفي عام 1978م صدرت مجموعة له ”إلى بيروت الأنثى مع حبي”

    نزار في حلب مرتجلاً : كل دروب الحب توصل إلى حلب

    وأمام شموخ الكلمة وعظمتها يتواضع الشاعر مرتجلاً ليقدم اعتذاره لمدينة حلب عام 1979م في أمسية في صالة الأسد الشعرية تم تحويلها تلفزيونياً ومنها نختار

    كل الدروب لدى الأوربيين توصل إلى روما
    كل الدروب لدى العرب توصل إلى الشعر
    وكل دروب الحب توصل إلى حلب ‏‏
    صحيح أن موعدي مع حلب تأخر ربع قرن …
    كل هذا صحيح ولكن النساء الجميلات وحلب
    واحدة منهن
    يعرفن أيضاً أن الرجل الذي يبقى صامداً في نار العشق
    خمساً وعشرين سنة ويجيء ولو بعد خمس وعشرين سنة
    هو رجل يعرف كيف يحب ويعرف من يحب
    ربما لم أضع حلب على خريطتي الشعرية
    وهذه إحدى أكبر خطاياي ولكن حلب كانت دائماً
    على خريطة عواطفي وكانت تختبئ في شراييني
    فلا أعرف من أين يبدأ الشعر ومن أين
    يبدأ النبيذ ومن أين تبتدئ الشفة
    ومن أين تبتدئ القبلة … ومن أين تبتدئ دموعي
    ومن أين تبتدئ حلب
    كل ما أريد أن أقوله إن حب النساء … وحب المدن قضاء وقدر
    وها أنا ذا في حلب
    لأواجه قدراً من أجمل أقداري:

    نزار قباني يتجول في الشوارع عارياً :

    ولكن عندما تبكي الكلمة لتواجه قدرها ندخلُ منزل نزار نعزي بأول فاجعة تلقاها برحيل شقيقته ”وصال” التي تركت أثراً في نفسه فنفر لشعر الحب بكل طاقته كما يقول , ثم وفاة والده ”توفيق” أبو المعتز فكتب له يرثيه ” أبي ” , ولكن مع وفاة والدته ” فائزة ” 1976م تموت الكلمات فيرثيها في قصيدته ”أم المعتز” .

    من قصيدة ” أبي ”

    أبي يا أبي .. إن تاريخ طيب ٍ
    وراءك يمشي , فلا تعتب ..
    على اسمك نمضي , فمن طيب ٍ
    شهي المجاني , إلى أطيب ِ
    حملتك في صحو عيني .. حتى
    تهيأ للناس أني أبي ..

    من قصيدة ” أم المعتز ”

    بموتِ أمّي ..
    يسقطُ آخرُ قميصِ صوفٍ أغطّي بهِ جسدي
    آخرُ قميصِ حنانْ ..
    آخرُ مظلةِ مَطَرْ ..
    وفي الشّتاءِ القادمْ ..
    ستجدونَني أتجوّلُ في الشوارعِ عارياً ..

    نزار قباني يسقط في شِباك زهراء آقبيق :

    وفي عام 1946م قرر نزار دخول الحياة الزوجية مع ابنة عمه زهراء آقبيق ابنة القاضي محمد آقبيق النائب في مجلس النواب السوري في فترة الخمسينات , فأنجبت له ياسمينتين دمشقيتين ”هدباء1947م التي توفيت عام 2009 إثر أزمة قلبية , و توفيق 1950م الذي توفي 1972م ” , فرثاه بقصيدةٍ ”إلى الأمير الدمشقي توفيق قباني” .

    إلاّ أنّ صراع الماضي مع الحاضر انتهى بالانفصال بين نزار و زهراء عام1952م التي توفيت مؤخراً.

    يقال أنه ارتبط في عقد الخمسينات بقصة حب مع الأديبة كوليت خوري حفيدة رئيس الوزراء السابق في عهد الاستقلال فارس الخوري , ومن خلال روايتها” أيام معه” نقرأ أن بطل الرواية الحقيقي هو نزار قباني وأن ما جاء في فصولها ما هو إلا سيرة ذاتية للكاتبة .

    زواج للمرة الثانية وحب على عرش المرأة العراقية ” بلقيس الراوي ” :

    وكلما نظر نزار في المرآة كان يرى بلقيس حبه الأخير , فبعد أخذ ورد تزوج نزار ”بلقيس الراوي” عام 1969م وهو في سن السادسة والأربعين وهي في سن الثلاثين أنجبت له طفلين ”عمر, زينب” لكنّ الموت كان على موعدٍ معها عام 1981م حين لقيت حتفها في حادثة تفجير السفارة العراقية في بيروت.

    فتنزف قصائد نزار قباني دماً عليها ويرثيها بقصيدته الشهيرة ”بلقيس” , وقصيدة ”خمس وعشرون وردة في شعر بلقيس” .

    ” من قصيدة ”بلقيس ”

    بلقيسُ ..
    كانتْ أجملَ المَلِكَاتِ في تاريخ بابِِلْ
    بلقيسُ ..
    كانت أطولَ النَخْلاتِ في أرض العراقْ
    كانتْ إذا تمشي.. ترافقُها طواويسٌ..
    وتتبعُها أيائِلْ .. بلقيسُ .. يا وَجَعِي ..

    من قصيدة ” خمس وعشرون وردة في شعر بلقيس ”

    أسست معها في 5 آذار 1962
    أول مدرسة للعشق في بغداد
    وعندما سقطت بلقيس في 15/12/1981
    استقال المعلمون والمعلمات
    وهرب التلاميذ
    وتأجلت دراسة الحب ..
    إلى أجـلٍ غير مسمى ..

    نزار قباني قي دبي أثناء تسلمه لجائزة سلطان العويس في عام 1994م

    وبالرغم من سوداوية تلك الظروف فالشاعر لا يتوقف عن سقاية ياسمينته الدمشقية من شعره فيفجّر مكنوناته الداخلية في كتابات إبداعية مشتعلة , حيث سطّر بمسيرته الشعرية إحدى وأربعين مجموعة شعرية ونثرية منها : ” قصائد متوحشة 1970م , كل عام وأنتِ حبيبتي 1978م , أشهد أن لا امرأة إلا أنتِ 1979م , قصائد مغضوب عليها 1986م , تزوجتك أيتها الحرية 1988م , لا غالب إلا الحب 1990م , قصائد عربية 1993م , متى يعلنون وفاة العرب 1994م , … أنا رجل واحد وأنت قبيلة من النساء ” .

    جنازة يتيمة نزار قباني يتساءل متى يعلنون وفاة العرب ؟ وأين هي مقبرتهم ؟

    أمام هذا المخزون الشعري الهائل يدوي الشاعر كبركانٍ ثائرٍ على ما آلت إليه أوضاع الوطن العربي متسائلاً في رعشة شبه جنونية :

    ” متى يعلنون وفاة العرب ”

    أحاولُ رسمَ بلادٍ
    تُسمّى – مجازا – بلادَ العربْ
    رسمتُ بلون الشرايينِ حيناً .. وحيناً رسمتُ بلون الغضبْ.
    وحين انتهى الرسمُ ، ساءلتُ نفسي:
    إذا أعلنوا ذاتَ يومٍ وفاةَ العربْ…
    ففي أيِ مقبرةٍ يُدْفَنونْ؟ ومَن سوف يبكي عليهم؟
    وليس لديهم بناتٌ… وليس لديهم بَنونْ …
    وليس هنالك حُزْنٌ ،
    وليس هنالك مَن يحْزُنون!!

    عندما ترقص كلمات نزار قباني يتسابق المطربون :

    ” كيف كان ” أول قصيدة نزارية تتحول إلى أغنية لحنها وغناها الملحن والمطرب المصري أحمد عبد القادر وسجلها لإذاعة دمشق في عام 1953م .
    ثاني قصيدة ” بيت الحبيبة ” لحنها وغناها نجيب السراج وسجلها في إذاعة القاهرة في عام 1958م .
    ثالث قصيدة ” أيظن ” لحانها محمد عبد الوهاب غنّتها نجاة الصغيرة وحققت تلك الأغنية حينها نجاحاً باهراً تسابق فيه الملحنون والمطربون لقصائد نزار .
    فغنّت أم كلثوم قصيدته ”أصبح عندي الآن بندقية” , عبد الحليم حافظ ”قارئة الفنجان” .. , فيروز ”لا تسألوني ما اسمه حبيبي” ..
    وأما ماجدة الرومي فغنت أربعاً من قصائده الأولى ”كلمات” لحن إحسان المنذر, ”طوق الياسمين” لحن كاظم الساهر ولحن لها الملحن المصري جمال سلامة قصيدتين هما ”ست الدنيا يا بيروت” و”مع جريدة ”‏ .. ,
    كاظم الساهر: ”إني خيّرتك فاختاري، زيديني عشقاً، علّمني حبك ، مدرسة الحب…… ” وكلها من ألحان كاظم
    أصالة : غنت له قصيدة ”اغضب” التي لحنها حلمي بكر….
    يلفظ الشعر النزاري آخر أنفاسه بأخر بيتٍ كتبه:

    ” تزرع المرأة السنابل والورد.. ويبقى كل الرجال عشائر”

    نزار .. في أيامه الأخيرة

    القائد الخالد حافظ الأسد في عيون نزار قباني :

    حظي نزار قباني خلال فترة مرضه من بيروت إلى لندن باهتمام ورعاية من القائد الخالد حافظ الأسد فكتب نزار يقول :
    ” إن الرئيس حافظ الأسد هو صديق الشجرة والغيمة وسنبلة القمح والحقول والأطفال والغابات، والجداول والعصافير وفيروز وعاصي الرحباني , ولو أنّ عصفوراً واحداً سقط أو غمامةً واحدة بكتْ أو سنبلة قمح واحدة انكسرتْ لحمل إليها حافظ الأسد وعاء المهل ووقف فوق رأسها حتى تشفى.”

    وأمام الانجازات العظيمة التي سطرها القائد الخالد كتب نزار ” تاريخ حياة نهر ” واصفاً عظمة الانجاز :

    ” في بلادي يغيرون تاريخ حياة نهر … نزع الرئيس حافظ الأسد عن الفرات عباءته الطينية، أعطاه قلما ليكتب يومياته كنهر متحضر، أعلن وهو يحول مجرى النهر، أن سد الفرات ليس عملا هندسيا خاصا بسورية ، ولكنه عمل قومي من أعمال التحرير.

    إذاً فالنصر في تصور الرئيس الأسد هو نصر حسابي وتقني وحضاري، إنه نصر سيحققه بصورة حتمية إنسان الفرات القادم .”
    يُذكر أنّ القائد الخالد حافظ الأسد أصدر قراراً بإطلاق اسم نزار قباني على أحد شوارع دمشق تكريماً له .

    فقال نزار قبل أن يغمض عينيه إلى الأبد بشهر واحد 27/3/1998م :

    ” إنّ هذا الشارع الذي أهدته دمشق إليّ هو أجمل بيت امتلكته على تراب الجنة , فالسكنى في الجنة … والسكنى في دمشق شيءٌ واحدٌ ،الأولى تجري من تحتها الأنهار والثانية تجري من تحتها القصائد والأشعار.”

    وهكذا تسقط آخر ياسمينة دمشقية في 30/4/1998م ، ليصل من لندن إلى دمشق يوم الأحد في 3/5/1998م مكفناً بالعلم السوري فيوارى الثرى في مقبرة العائلة في باب الصغير، فمن رحم القومية العربية ” دمشق ” خرج وإلى رحمها يعود.

    ديوان ” أبجدية الياسمين ” كانت الهدية المقدمة من أولاد نزار قباني ” هدباء ، زينب ، عمر ” في ذكرى رحيله العاشرة يضم الكتاب مقدمة و13 قصيدة و ”يوميات لشباك دمشقي”.

    من قصيدة ” تعب الكلام من الكلام ”

    لم يبقَ عندي ما أقول.
    لم يبقَ عندي ما أقولُ.
    تعبَ الكلاَمُ من الكَلامِ..
    وماتَ في أحداق أعيُننَا النخيلُ..
    شَفَتايَ من خَشَبٍ.. ووجهُكِ مُرْهَقٌ
    والنَهْدُ..ما عَادَت تُدَقُّ لهُ الطُبولُ!!
    أرجوُ السماحَ..
    إذا جلستُ على الأريكة مُحبطاً
    ومُشتتاً.. ومُبعثراً..
    أرجُو سماحكِ.. إن نسيتُ بلاغتي..
    لم يبقَ من لُغَةِ الهوى إلا القليلُ!!
    ( لندن 15 آذار (مارس) 1997 )

    كثرةٌ هم من حاربوكَ ونقدوك , وكثرة هم من كتبوا عنك ومدحوكَ … لكنّه يبقى نزاريّ الهوى، دمشقيّ المنبت رغماً عن أنفِ القبيلة.

    رويدك نزار لم أبدأ بعد وقد جفت أحبار أقلامي , وتعبت أجفاني في قراءةِ شعبٍ من المرجانِ في بحرِ قصائدٍ كنتَ فيها الجاني , فمعذرةً قباني أسالكَ الرحيل.
    إعلانات

    في 21 آذار عام 1923م كان الشعر على موعدٍ مع ” نزار توفيق قباني آقبيق ” وبين أزقتها العتيقة وداخل بيوتها القديمة حيث شذى الياسمين الدمشقي يفوح من قصائده يعرّش على جسد امرأة فيحمل همّ القضية.

    ( كلمة ” آقبيق” باللغة التركية , ”آق” تعني الأبيض و ”بيق” يعني الشارب” )
    يحلّقُ نزار في أول قصائده عام1939م ”حنين إلى دمشق” , ولعلّ حسّه الإبداعي كان مستقى من رائد المسرح العربي ” أبو خليل القباني” عمه ”عم أبيه”.
    فمن جامعة دمشق كلية الحقوق عام 1945م تبدأ الرحلة إلى عدة عواصم : القاهرة , أنقرة , لندن , بكين , مدريد …
    ليكون سفير سياسةٍ وسفير شعرٍ قبل أن يسدل الستار أمام حياته السياسية مقدماً استقالته عام 1966م مؤسساً داراً للنشر في بيروت حملت اسمه , ليطير بحريّةٍ والتزامٍ في عالم الشعر.

    نزار وعمره سنتان 1925م نزار من جهة اليسار مع العائلة القبانية

    نزار يقول : نهداك صنمان عاجيان

    يطلق رصاصته الأولى في أول دواوينه ” قالت لي السمراء ” عام 1944م وسط حملة مذعورة قادتها مجلة ”الرسالة” المصرية بقلم الشيخ علي الطنطاوي قائلا :
    ”طبع في دمشق كتاب صغير زاهي الغلاف… معقود عليه شريط أحمر كالذي أوجب الفرنسيون أول عهدهم باحتلالهم الشام فيه كلام مطبوع على صفة الشعر، فيه أشطار طولها واحد إذا قسناها بالسنتيمترات يشتمل على وصف ما يكون بين الفاسق والقارح , والبغي المتمرس وصفاً واقعياً لا خيال فيه ،لأن صاحبه ليس بالأديب الواسع الخيال ، بل هو مدلل , غني عزيز على أبويه ، وهو طالب في مدرسة..” .

    فكان ردّ نزار على الطنطاوي جريئاً جاء فيه :
    ” لم يكن نقداً بالمعنى الحضاري للنقد، وإنما كان صراخ رجل اشتعلت في ثيابه النار.”
    ويصف نزار ديوانه ”” قالت لي السمراء”” بأنه أزهار الشر بالنسبة لدمشق مثل بودلير بالنسبة لباريس.

    ” ديوان قالت لي السمراء – أفيقي ”

    أفيقي .. من الليلة الشاعله … وردي عباءتك المائله
    سيفضح شهوتك السافله … مغامرة النهد.. ردي الغطاء
    وأين ثيابك بعثرتها … لدى ساعة اللذة الهائله
    كما تنفخ الحية الصائله … وأقبلت الساعة العاقله
    هو الطين.. ليس لطينٍ بقاءٌ … لقد غمر الفجر نهديك ضوءاً
    ستمضي الشهور .. وينمو الجنين
    هو الطين .. ليس لطينٍ بقاءٌ
    ولذاته ومضةٌ زائله…

    ” ديوان قالت لي السمراء – نهداكِ ”

    سمــراءُ .. صبي نهدك الأسمرَ في دنيـا فمــي
    نهـداكِ نبعَا لـذة حمــراء تشعـل لي دمـــي
    متمردان على الســماء , على القميص المنعــم
    صنمان ِ عاجيان ِ … قد ماجا ببحـر ٍ مضـــرم
    صنمان .. إني أعبـــدُ الأصنامَ رغم تـــأثمي
    فكي الغلالة .. واحسـري عن نهدك المتضـــرم

    نزار عندما كان طالباً في الجامعة

    جريمة ذبح من الوريد إلى الوريد :

    في عام 1948م أصدر ديوانه الثاني ”طفولة نهد” الذي تعرّض للذبح من الوريد إلى الوريد حيث كان الشاعر قد قدّم الديوان لكلّ من توفيق الحكيم من روّاد الرواية والمسرح العربي , وكامل الشناوي الصحفي والشاعر , وأنور المعداوي الناقد الأدبي .

    فكتب المعداوي مقالاً نقدياً وعرضه على صاحب ”مجلة الرسالة” المصرية أحمد حسن الزيّات فلم يستسغ الأخير هذه التسمية ” طفولة نهد ” فنشر الزيّات نقد المعداوي بعد أن غيّر اسم الديوان إلى ”طفولة نهر” .

    حينها قال نزار: ” بذلك أرضى حسن الزيات صديقه الناقد أنور المعداوي وأرضى قرّاء الرسالة المحافظين الذين تخيفهم كلمة النهد وتزلزل وقارهم , ولكنّه ذبح اسم كتابي الجميلِ من الوريد إلى الوريد ” .

    وفي عام 1949 صدر له ديوان ”سامبا” .

    ” من ديوان طفولة نهد – وشوشة ”

    في ثغرها ابتهالْ … يهمسُ لي : تعالْ
    إلى انعتاق ٍ أزرق ٍ … حدودهُ المحالُ
    نشردُ تيّاري شَذا … لم يخفقا ببالْ
    لا تستحي..فالورد في … طريقنا تلالْ
    ما دمتِ لي.. مالي وما … قيلَ , وما يُقال..
    وشوشة ٌ كريمة ٌ … سخيّة ُ الظلالْ
    رغبة ٌ مبحوحة ٌ
    أرى لها خيالْ

    نزار في المرحلة الدبلوماسية بين عامي 1945م و 1966م

    أعضاء في مجلس النواب السوري يطالبون بشنق نزار :

    ولأنّ الكلمة أنثى والقصيدة أنثى يعلن الشاعر ثورته المتمردة لينشر قصيدته ”خبز وحشيش وقمر” 1954م التي رسم ملامحها في ديوان قصائد 1956م فأحدثت ضجة عارمة في الرأي العام تناقلتها الصحف السورية لتستقرّ قي قبة المجلس النيابي السوري في 14/6/1955م فكانت مسار جدلٍ وصلت إلى حدّ المطالبة بشنق ” نزار” وكان حينها يشغل منصباً دبلوماسياً في السفارة السورية في لندن .

    وأمام تصميم النواب على معاقبة القباني تثار القصيدة من جديد في مكتب الرئيس خالد العظم بوزارة الخارجية الذي علّق قائلاً : ”ياحضرات النواب الأعزاء أحب أن أصارحكم إنّ وزارة الخارجية السورية فيها نزاران : نزار قباني الموظف ونزار قباني الشاعر , أما نزار قباني الموظف فملفه أمامي وهو ملف جيد ويثبت أنه من خيرة موظفي هذه الوزارة , أما نزار قباني الشاعر, فقد خلقه الله شاعراً , وأنا كوزير للخارجية لا سلطة لي عليه ، ولا على شعره , فإذا كنتم تقولون إنه هجاكم بقصيدة فيمكنكم أن تهجوه بقصيدة مضادة ” .

    والجدير بالذكر أن ”خبز وحشيش وقمر” هي من بين 17 قصيدة صدرت عن دار نشر بيبلوس كونسالتينج بموسكو مترجمة إلى الروسية عن د. يفجيني دياكونوف.

    ” من قصيدة خبز وحشيش وقمر ”

    في ليالي الشرقِ لمّا
    يبلغُ البدرُ تمامهْ …
    يتعرّى الشرقُ من كلِّ كرامهْ
    ونضالِ …
    فالملايينُ التي تركضُ من غيرِ نعالِ…
    والتي تؤمنُ في أربعِ زوجاتٍ …
    وفي يومِ القيامهْ …
    الملايين التي لا تلتقي بالخبز..
    إلا في الخيال..

    عندما يحرك نزار يديه تتساقط الكلمات

    الرئيس جمال عبد الناصر ينقذ نزار قباني من عبوة ناسفة تمّ تفجيرها :

    القباني لا يستسلم ويولد لنا ديوان ”حبيبتي” 1961م لتتحول اللغة إلى لوحة فسفسائية تبقى مفرداتها المرأة .
    والياسمينة الدمشقية في ديوان ” الرسم بالكلمات ” 1966م .

    لكنها لوحة مشاكسة تبعثرت ألوانها في قصيدة ” هوامش على دفتر النكسة ” التي نشرت في مجلة ”الآداب” اللبنانية , فكانت عبوة ناسفة كما يصفها نزار , حيث صدر قرار بمنع تداول القصيدة , و ومنع بث قصائده المغناة في إذاعة الجمهورية العربية المتحدة , واعتبار نزار من الممنوعين من دخول مصر , و صودرت المجلة ، وأحرقت أعدادها في عدد من البلدان العربية .

    ولعلّ شهرة نزار السريعة آنذاك كان لها دور… , لكنْ سرعان ما أنقذته تلك الرسالة التي وجّهها إلى الرئيس جمال عبد الناصر في 30/10/1967م وبعض ما جاء فيها :

    ” سيادة الرئيس جمال عبد الناصر:
    إذا كانت صرختي حادة وجارحة , وأنا أعترف سلفاً بأنها كذلك, فلأنّ الصرخة تكون في حجم الطعنة, ولأن النزيف بمساحة الجرح…” .
    بعد ذلك تمّ إلغاء جميع التدابير التي فرضت بحقه.
    فقال نزار حينها : لقد كسر الرئيس جمال عبد الناصر بموقفه الكبير جدا الخوف القائم بين الفن وبين السلطة، بين الإبداع وبين الثورة …….

    وقد كتب نزار عدة قصائد مدح ورثاء للراحل جمال منها : الهرم الرابع , إليه في يوم ميلاده.

    ” هوامش على دفتر النكسة ”

    مالحةٌ في فمنا القصائد
    مالحةٌ ضفائر النساء
    والليل، والأستار، والمقاعد
    مالحةٌ أمامنا الأشياء
    يا وطني الحزين
    حولتني بلحظةٍ
    من شاعرٍ يكتب الحب والحنين
    لشاعرٍ يكتب بالسكين

    نزار في زيارة لسد الفرات

    نزار يقول : إنّ صناعة دمشق الأساسية هي العروب

Kommentarer är stängda.